سلمان الحوطي

ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬وثيقة‭ ‬وطنية‭ ‬نبعت‭ ‬من‭ ‬قلب‭ ‬شعب‭ ‬مملكة

ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬وثيقة‭ ‬وطنية‭ ‬نبعت‭ ‬من‭ ‬قلب‭ ‬شعب‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وكتبت‭ ‬بيد‭ ‬أبنائه‭ ‬وهو‭ ‬يمثل‭ ‬المواطن‭ ‬البحريني‭ ‬وتطلعاته‭ ‬وتطلعات‭ ‬المجتمع‭ ‬ومتطلباته‭ ‬وكيفيـــة‭ ‬نموه‭ ‬وازدهاره‭.‬

تحتفـــل‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬14‭ ‬فبراير‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬بذكرى‭ ‬التصويت‭ ‬على ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‮ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬وثيقة‭ ‬متكاملة‭ ‬للإصلاح‭ ‬والتحديث‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المجالات‭ ‬وبلـورة‭ ‬للمـشروع‭ ‬الإصلاحـي‭ ‬لحضرة‭ ‬صاحـب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملـك‭ ‬حمـد‭ ‬بـن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬والـذي‭ ‬تعهـد‭ ‬جلالتـه‭ ‬بتنفيـذه‭ ‬منـذ‭ ‬توليه‭ ‬مقاليـد‭ ‬الحكـم‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬وترجع‭ ‬أهمية‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة‭ ‬لشعب‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬كونها‭ ‬مهدت‭ ‬الطريق‭ ‬نحو‭ ‬البدء‭ ‬بالمسيرة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬حيث‭ ‬صدر ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‮ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬عام‭ ‬2000‭ ‬م‭ ‬وحدد‭ ‬المقومـات‭ ‬الأساسية‭ ‬لمملكـة‭ ‬البحريـن‭ ‬وهويـة‭ ‬البحريـن‭ ‬الحضارية‭ ‬التاريخيـة‭ ‬والعربيـة‭ ‬والإسلامية‭ ‬والمقومـات‭ ‬الأساسـية‭ ‬للدولـة‭ ‬والمجتمـع‭ ‬وعلاقة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬الخليجيـة‭ ‬والعربيـة‭ ‬والدولية‭.‬

وقد‭ ‬أجري‭ ‬استفتاء‭ ‬شعبي‭ ‬في‭ ‬14‭ ‬فبراير‭ ‬2001‭ ‬أظهر‭ ‬موافقة‭ ‬أغلبية‭ ‬الشعب‭ ‬عليه‭ ‬بنسبة‭ ‬98‭.‬4‭%‬‭ ‬حيث‭ ‬يُعد‭ ‬الميثاق‭ ‬بمثابة‭ ‬ذروة‭ ‬التطور‭ ‬الديمقراطي‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وقد‭ ‬وصفه‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حينها‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬فتح‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البحرين‮»‬‭ ‬وخاصة‭ ‬أنه‭ ‬تضمن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المبادئ‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬النهج‭ ‬الديمقراطي‭ ‬العصري‭ ‬المنفتح‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭.‬

ومن‭ ‬أبرز‭ ‬المحطات‭ ‬التي‭ ‬تبعت‭ ‬إقرار‭ ‬الميثاق‭ ‬هي‭ ‬التعديلات‭ ‬الدستورية‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬بنود‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬موضع‭ ‬التنفيذ‭ ‬فكان‭ ‬ذلك‭ ‬إيذانًا‭ ‬بدخول‭ ‬البحرين‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الإصلاح‭ ‬والتطوير‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬للمبادئ‭ ‬التي‭ ‬وردت‭ ‬في‭ ‬الميثاق‭ ‬أن‭ ‬ترى‭ ‬النور‭ ‬إلا‭ ‬بإدخالها‭ ‬في‭ ‬النص‭ ‬التشريعي‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬إزاحة‭ ‬أو‭ ‬تعديل‭ ‬كل‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تخالف‭ ‬مبادئ‭ ‬وتوجيهات‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭.‬

أهـم‭ ‬ما‭ ‬يميز‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬أنه‭ ‬جاء‭ ‬متكاملا‭ ‬شاملا‭ ‬جامعًا‭ ‬لكل‭ ‬شعب‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬الذي‭ ‬أجمع‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الميثاق‭ ‬مع‭ ‬فتح‭ ‬آفاق‭ ‬واسعة‭ ‬نحو‭ ‬مستقبل‭ ‬أكثر‭ ‬إشراقًا‭.‬

الرغبة‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬سعت‭ ‬إلى‭ ‬توحيد‭ ‬رؤى‭ ‬شعب‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بمختلف‭ ‬انتماءاتهم‭ ‬على‭ ‬وثيقة‭ ‬يتم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تدشين‭ ‬عهد‭ ‬وعصر‭ ‬جديد‭ ‬ومرحلة‭ ‬تاريخية‭ ‬تحفز‭ ‬كل‭ ‬الهمم‭ ‬والسواعد‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬نسق‭ ‬واحد‭ ‬متحد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بناء‭ ‬الغد‭ ‬الأجمل‭ ‬والأسعد‭ ‬للجميع‭.‬

وهنا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نبارك‭ ‬لصاحب‭ ‬الفضل‭ ‬إلى‭ ‬قائد‭ ‬الإصلاح‭ ‬والديمقراطية‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬إذ‭ ‬أصرّ‭ ‬جلالته‭ ‬حينها‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الميثاق‭ ‬وثيقة‭ ‬يضعها‭ ‬أبناء‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬أنفسهم‭ ‬بكل‭ ‬تفاصيلها‭ ‬ومحتوياتها‭ ‬ويجتمعون‭ ‬حولها‭ ‬جميعًا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استفتاء‭ ‬عام‭ ‬ووفق‭ ‬الإرادة‭ ‬الحرة‭ ‬لهم‭.‬

ومن‭ ‬هنا‭ ‬أيضًا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬الأذهان‭ ‬إلى‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الميثاق‭ ‬بقليل‭ ‬عندما‭ ‬نادت‭ ‬بعض‭ ‬الأصوات‭ ‬باستنساخ‭ ‬تجارب‭ ‬خارجية،‭ ‬لكن‭ ‬رؤية‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المفدى‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬كانت‭ ‬ثاقبة‭ ‬وأشمل‭ ‬وأعمق‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬عندما‭ ‬أراد‭ ‬جلالته‭ ‬لشعب‭ ‬البحرين‭ ‬أن‭ ‬يختار‭ ‬طريقه‭ ‬نحو‭ ‬المستقبل‭ ‬بنفسه‭ ‬ووفق‭ ‬إرادته‭ ‬الحرة‭ ‬وأراد‭ ‬لهذه‭ ‬التجربة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬أعماقنا‭ ‬جميعًا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إملاءات‭ ‬أو‭ ‬اقتباسات‭ ‬وأراد‭ ‬أن‭ ‬يجمع‭ ‬شمل‭ ‬أهل‭ ‬وشعب‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وليس‭ ‬ممثلين‭ ‬أو‭ ‬مندوبين‭ ‬عنهم‭ ‬فكان‭ ‬ذاك‭ ‬الاستفتاء‭ ‬العام‭ ‬عندما‭ ‬لبى‭ ‬الشعب‭ ‬أجمعه‭ ‬هذا‭ ‬النداء‭.‬

ووفق‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬فقد‭ ‬دشّن‭ ‬قائد‭ ‬المسيرة‭ ‬الإصلاحية‭ ‬مرحلة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬التاريخ،‭ ‬مرحلة‭ ‬سبقت‭ ‬عصرها،‭ ‬مرحلة‭ ‬شكلت‭ ‬مفاجأة‭ ‬غير‭ ‬متوقعة‭ ‬للبعض‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬تتعدَّ‭ ‬رهاناتهم‭ ‬مدى‭ ‬أبصارهم‭ ‬مرحلة‭ ‬جعلت‭ ‬بعض‭ ‬الأطراف‭ ‬الخارجية‭ ‬تعيد‭ ‬حساباتها‭ ‬وتقيّم‭ ‬مواقفها‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬حول‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬آنذاك،‭ ‬مرحلة‭ ‬أصبحت‭ ‬محط‭ ‬أنظار‭ ‬كل‭ ‬العالم‭ ‬حينها‭.‬

وعلى‭ ‬الفور،‭ ‬عندما‭ ‬أجمع‭ ‬شعب‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬خيارًا‭ ‬له‭ ‬إلى‭ ‬المستقبل‭ ‬أخذنا‭ ‬نجني‭ ‬ثمارها‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدستورية‭ ‬والتشريعية‭ ‬والقانونية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬مستوانا‭ ‬نحن‭ ‬كأفراد‭ ‬أيضًا‭ ‬فقد‭ ‬أطلقت‭ ‬هذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬عنان‭ ‬الشخصية‭ ‬والطاقات‭ ‬البحرينية‭ ‬الشابة‭ ‬بلا‭ ‬حدود‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬العمل‭ ‬والمشاركة‭ ‬والتفاعل‭ ‬والأهم‭ ‬السعي‭ ‬الدائم‭ ‬إلى‭ ‬المثابرة‭ ‬والإصرار‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬التحديات‭ ‬والمستحيل‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬التفوق‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬كافة‭ ‬لرفع‭ ‬اسم‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬عاليًا‭.‬

ولا‭ ‬مجال‭ ‬للشك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬قيادة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬لفريق‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تفعيل‭ ‬مبادئ‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬وبحسب‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬إقراره‭ ‬من‭ ‬خطط‭ ‬وبرامج‭ ‬أشرف‭ ‬عليها‭ ‬سموه‭ ‬بشكل‭ ‬شخصي‭ ‬ومتابعة‭ ‬دقيقة‭ ‬أخذت‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬كل‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬التي‭ ‬طرحت‭ ‬في‭ ‬ورش‭ ‬العمل‭ ‬وبمختلف‭ ‬تخصصاتها‭ ‬ومجالاتها‭.‬

وإننـا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬الغالي‭ ‬علينا‭ ‬جميعًا‭ ‬وبعد‭ ‬مرور‭ ‬21‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬إقرار‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬أن‭ ‬نرفع‭ ‬جزيل‭ ‬الشكر‭ ‬والامتنان‭ ‬إلى‭ ‬قائد‭ ‬مسيرة‭ ‬الإصلاح‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬على‭ ‬قيادته‭ ‬بكل‭ ‬حكمة‭ ‬وحنكة‭ ‬واقتدار‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬المفصلية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬مملكتنا‭ ‬والتي‭ ‬استطاع‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬أن‭ ‬يعبر‭ ‬بسفينة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬كل‭ ‬الأمواج‭ ‬العاتية‭ ‬وأن‭ ‬يرسو‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬برّ‭ ‬الأمان‭ ‬وأن‭ ‬يجنّبنا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬ويتجاوز‭ ‬بنا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬الصعبة‭ ‬والشكر‭ ‬والتقدير‭ ‬لصاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬على‭ ‬دعمه‭ ‬اللامحدود‭ ‬ومساندته‭ ‬وعلى‭ ‬ما‭ ‬أظهر‭ ‬سموه‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الظروف‭ ‬والمناسبات‭ ‬من‭ ‬كفاءة‭ ‬واقتدار‭ ‬في‭ ‬إدارته‭ ‬وتنفيذه‭ ‬لمختلف‭ ‬الملفات‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬شؤون‭ ‬المملكة‭.. ‬هنيئًا‭ ‬لنا‭ ‬جميعا‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬المبارك‭ ‬وكل‭ ‬عام‭ ‬وميثاقنا‭ ‬مصدر‭ ‬فخرنا‭. ‬